“رويترز” تختار “صورة العام” من أحداث الطيونة
أشار موقع “الجيش اللبناني” إلى أن وكالة “رويترز” اختارت صورة المعاون أول في الجيش اللبناني، بلال الحاج، الذي حمى إحدى الأطفال بذراعه خلال الاشتباكات التي حصلت في الطيونة، لتكون صورة العام من دون منازع.
ونشر الموقع مقالًا قال فيه: “قريبًا يُنهي المعاون أول بلال الحاج عامه الثامن عشر في الجيش. سنوات طويلة مليئة بالتجارب القاسية والمواقف الخطرة التي خرج منها بدروس وعبر ليصبح ما هو عليه الآن. إنّه العسكري الذي زادته الخدمة العسكرية شجاعة وعزمًا وتفانيًا ونبلًا. خلال مسيرته العسكرية وضمنها ١٣ سنة في فوج المغاوير واجه الكثير من المخاطر، شارك في معارك عبرا ونهر البارد وطرابلس وعرسال. استشهد الكثير من رفاقه قربه، وهم ما زالوا أحياء في قلبه يتواصل مع عائلاتهم ويسأل عن أحوالها. في عبرا حمل أحد رفاقه مسافة طويلة تحت وابل الرصاص، لم يخف، لم يتردد، في اعتقاده أن لا أحد يرحل عن هذه الدنيا قبل أوانه.
كل ما مرّ ذكره في كفّة وحادثة الطيونة في كفّة أخرى بنظره. ما اعترضه هناك كان بالنسبة إليه أصعب ما يمكن أن يواجهه، محاربة الإرهابيين أمر تدرّب عليه، ومهما كانت نسبة الخطر فيه عالية فهي لا تقاس بمشهد أطفال تحاصرهم نيران الرصاص. لا شيء يمكن أن يوازي ما يشعر به العسكري أمام خوف الصغار، ولا إحساس يمكن أن يوازي شعوره عند نجاحه في إنقاذهم من الخطر.
لم تكن تلك الطفلة التي ظهرت في الصورة محمية بذراعه، الوحيدة التي أنقذها المعاون أول بلال الحاج في ذلك اليوم المشؤوم. أخرج عدة أطفال من مدرسة الفرير وسلّمهم إلى أهاليهم. لكن لهذه الطفلة قصة أخرى، فعندما دخل الردهة حيث تجمّع الأطفال رآهم خائفين، لكن خوفهم جميعًا لم يكن يوازي الرعب في عينيها. كانت راكعة بعيدًا من الجميع وجسمها يرتجف كورقة في مهب الريح. شعور قوي أخذه إليها قبل الآخرين، أعطاها ماء لتشرب، تحدث إليها، أخبرها أنّه سيوصلها إلى أهلها بسلام، لاعبها، إلى أن بدأ الشعور بالطمأنينة يغلب خوفها. “ضحكت، فرفحت” يقول المعاون أول.
حملها وخرج بها راكضًا، لكنّ الرصاص عاد لينهمر بغزارة. قال في نفسه إذا كان لا بد أن يُصاب أحدنا فلتُصِبْني رصاصة في رأسي ولا تُصِبْها في رجلها. تمنّى لو يستطيع نزع درعه وخوذته ليحميها بهما لكنّ الأمر كان مستحيلًا فالرصاص ينهمر بجنون. وضعها تحت زنده وركض بها… وصل إلى سيارة أهلها، فتح الباب وأدخلها، تحت وطأة الصدمة لم ينطق أي من الوالدين بكلمة. من جهته، شعر أنّ هموم العالم كلّه سقطت في تلك اللحظة عند رجليه. الطفلة التي لا يعرف عنها شيئًا سوى الرعب الذي رآه يجتاح جسدها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، باتت في أمان.
يتمنى اليوم أن يعرف شيئًا عن هذه الفتاة، أن يطمئن عليها. يسأل نفسه هل ما زالت تحت وطأة الصدمة التي عاشتها؟ وكم من الوقت سيستمر تأثير ما عاشته في تلك اللحظات عليها؟ يطرح على نفسه الأسئلة ويفكر في ابنه.
الصورة التي التقطتها كاميرا المصوّر محمد عزاقير للعسكري محتضنًا الطفلة بذراع وممسكًا البندقية بالذراع الأخرى هي تكثيف للحظة نادرة تجمع الخطر والأمان في مشهد مؤثر. صورة اعتبرتها رويترز من الأجمل للعام ٢٠٢١، وهي أكثر من مشهد في لحظة. إنّها تعبير عن مناقبية العسكري ونبله، ذلك العسكري الذي تُجسد بندقيته الأمان”.